معلومات الملف

٢ نظرية داروين عن أصل الحيتان:

في الطبعة الاولى لكتاب «أصل الأنواع» عام 1859، تكهن تشارلز داروين بخصوص كيف من الممكن للانتخاب الطبيعي جعل الثدييات البرية تتحول الى ثدييات بحرية مثل الحيتان.

وكمثال افتراضي، استخدم دارون الدببة السوداء في أمريكا الشمالية، المعروفة بالتقاطها للحشرات عن طريق السباحة في الماء فاتحةً فمها:/

«انا لا أجد اي صعوبة في تحول سلالة الدببة، عن طريق الانتخاب الطبيعي، الى كائن مائي أكثر في بنيته وعاداته، بفم أكبر وأكبر، إلى أن يتطور كائن عملاق كالحوت»، كما قال. لكن لم يتقبل الناس هذه الفكرة بصورة جيدة.

أصيب داروين بإحراج شديد بسبب السخرية التي تعرض لها، ولهذا قام بحذف فقرة الدب السابح في النسخ القادمة من كتابه. لكن يعلم العلماء الآن أن داروين كان لديه الفكرة الصحيحة ولكن الحيوان الخاطئ. فبدلاً من النظر الى الدببة، كان يجب عليه النظر الى الأبقار وفرس النهر.

إن قصة أصل الحيتان هي إحدى أجمل قصص التطور وأحد أفضل الأمثلة التي يمتلكها العلماء بخصوص الانتخاب الطبيعي.

الانتخاب الطبيعي

لفهم أصل الحيتان، من الضروري معرفة كيف يعمل الانتخاب الطبيعي وهو نظرية داروين الأساسية في التطور.

يستطيع الانتخاب الطبيعي تغيير الأنواع بطريقة صغيرة، مسببًا تغيرات في الحجم او اللون للسكان على مدار عدة اجيال. يسمى هذا «التطور الصغري».

ولكن الانتخاب الطبيعي قادر أيضًا على القيام بأكثر من هذا، بإعطائه الوقت والتغيرات التراكمية الكافية، يستطيع الانتخاب الطبيعي تكوين أنواع جديدة، ويسمى هذا «التطور الكبروي». من الممكن أن يحول الديناصورات الى طيور، الثدييات البرمائية الى حيتان وأسلاف القرود الى بشر.

خذ مثال الحيتان -بأخذ التطور كدليل وبمعرفة كيف يعمل الانتخاب الطبيعي، تمكن علماء الأحياء من معرفة كيفية تحول الحيتان الأولية من اليابسة الى الماء بسلسلة من الخطوات المتوقعة.

تطور الثقب الجليدي (أحد عضوي التنفس للحوت)، على سبيل المثال، من الممكن أن يكون قد تم بالطريقة التالية:/

  • تسببت التغيرات الوراثية العشوائية في وضع فتحات الأنف لحوت واحد على الأقل في مكان متراجع أكثر في الراس.
  • أصبحت الحيوانات هذه بهذا التغير ملائمة أكثر للحياة البحرية، بما أنها لا يجب أن تخرج بصورة كاملة للسطح لكي تتنفس.
  • حيوانات كهذه ستكون ناجحة أكثر ولديها ذرية أكثر.
  • وفي الأجيال التالية، تحدث تغيرات جينية أكثر، وستتحرك فتحات الأنف إلى الخلف أكثر.
  • تغيرت الأجزاء الاخرى للحيتان البدائية.
  • أصبحت السيقان الأمامية زعانف.
  • اختفت السيقان الخلفية.
  • وأصبحت أجسامها انسيابية أكثر وتطورت أذيالها لمساعدتها على الحركة في الماء.

ووصف داروين نوع آخر من الانتخاب الطبيعي يعتمد على نجاح الكائن الحي في اجتذاب الزوج، تسمى هذه العملية بالانتخاب الجنسي. الريش الملون للطاووس والقرون الموجودة لدى ذكر الغزال هما مثالين على الصفات التي تطورت بهذا النوع من الانتخاب.

ولكن داروين لم يكن العالم الأول أو الوحيد الذي ذكر نظرية التطور. فعالم الأحياء الفرنسي جيان بابتيست لامارك جاء بفكرة كون الأحياء من الممكن أن تمرر صفاتها إلى ذريتها، على الرغم من أنه كان مخطئًا بخصوص بعض التفاصيل.

وفي نفس وقت دارون، جاء عالم الأحياء البريطاني ألفريد روسل والاس بفكرة التطور والانتخاب الطبيعي بصورة مستقلة، بالنتيجة نظرية داروين لم تكن وحيدة ولكنها الأشهر لأنها تضمنت افتراضات صحيحية أكتر من سواها وشكلت علم التطور الحالي.

٣ - فهم نظرية داروين المعاصر:

لم يعلم داروين أي شيء بخصوص علم الوراثة، كما قالت بوبنر.

قام بملاحظة نمط التطور، لكنه لم يعلم أي شيء عن آليته

جاء هذا الأمر فيما بعد، باكتشاف التشفير الجيني للسمات البيولوجية والسلوكية المختلفة، وكيف تنتقل الجينات من الآباء الى الابناء. وإدخال علم الوراثة الى نظرية داروين يسمى «نظرية التطور الحديثة -modern evolutionary synthesis».

التغيرات الجسدية والسلوكية التي تجعل الانتخاب الطبيعي أمرًا ممكناً تحدث على مستوى الحمض الريبوزي منقوص الأوكسجين DNA والجينات. تسمى التغيرات هذه بالطفرات.

تقول بوبنر:/

إن الطفرات هي ببساطة المادة الخام المسؤولة عن التطور

من الممكن أن تحدث الطفرات عن طريق الأخطاء العشوائية في تكرار أو ترميم الDNA، أو بسبب المواد الكيميائية او الإشعاعية. في أغلب الاحيان، التغييرات هذه إما ضارة أو محايدة، ولكن في حالات نادرة، تكون الطفرات مفيدة للكائن الحي.

إذا كانت كذلك، ستكون منتشرة أكثر في الجيل القادم وستنتشر من خلال السكان. وبهذه الطريقة يقود الانتخاب الطبيعي عملية التطور، محافظًا على الطفرات المفيدة ورافضًا الطفرات السيئة.

تقول بونبر:/

الطفرات عشوائية، ولكن عملية الانتخاب ليست عشوائية

ولكن الانتخاب الطبيعي ليس الآلية الوحيدة التي تؤدي إلى تطور الأحياء، كما قالت. على سبيل المثال، من الممكن أن تنتقل الجينات من مجموعة سكانية الى أخرى عندما تقوم الأحياء بالهجرة من مكان إلى آخر، وتسمى هذه العملية انسياب المورثات. ومن الممكن أن تتكرر جينات معينة بصورة عشوائية، في عملية تسمى الانحراف الوراثي.

المراجع

    ١ موسوعات عربية مختلفة