محتويات

٢ النظرية الجشطالتية:

النظرية الجشطلتية واحدة من بين عدة مدارس فكرية متنافسة ظهرت في العقد الأول من القرن العشرين كنوع من الاحتجاج على الأوضاع الفكرية السائدة آنذاك والمتمثلة بالنظريات الميكانيكية والترابطية.
وقد عارضت النظرية الجشطلتية هذه النظرة إلى النفس الإنسانية المتمثلة في أن هذه النفس ليست أكثر من اﻟﻤﺠموع الكلي لأجزائها المكونة لها (والمتمثلة في الأحاسيس و المشاعر وغيرها).
والشيء الذي أدى إلى ظهور النظرية الجشطلتية والنظريات الأخرى المنافسة لها يمثل الاعتقاد الراسخ بأن الصورة الآلية الارتباطية الخاملة للنفس البشرية لا تعبر بحق عن الطبيعة الفنية الخلاقة ذات الطبيعة المعقدة التنظيم للعمليات والحوادث العقلية.
والنظرية الجشطلتية أكثر المدارس الكلية تحديدا وأكثرها اعتمادا على البيانات التجريبية، ولذلك كانت أكثرها نجاحا وكان اهتمامها الأول منصبا على سيكولوجية التفكير وعلى مشاكل المعرفة بصورة عامة. وقد امتدت النظرية إلى مجالات حل المشكلات والإدراك والجماليات والشخصية وعلم النفس الاجتماعي.
إن النظرية الجشطلتية ليست نظرية من نظريات التعلم في الأساس ولكن هناك الكثير مما يمكنها تقديمه لموضوع التعلم، كما أنها تقدم الكثير من المقترحات الأساسية و المليئة بالحماس لعملية التعليم التي تنطلق من معطيات التعلم الرئيسية بصورة مباشرة.
وفي رأي علماء النظرية الجشطلتية أنه إذا ما أردنا أن نفهم لماذا يقوم الكائن بالسلوك الذي يسلكه، فلا بد لنا من أن نفهم كيف يدرك هذا الكائن نفسه و الموقف الذي يجد فيه نفسه، ومن هنا كان الإدراك من القضايا الأساسية في التحليل الجشطلتي بمختلف أشكاله. والواقع أن التعلم ينطوي على رؤية الأشياء أو إدراكها كما هي على حقيقتها. وبهذا يكون التعلم، في صورته النموذجية، عملية انتقال من موقف غامض لا معنى له أو موقف لا ندري كنهه إلى حالة يصبح معها ما كان غير معروف أو غير مفهوم أمرا في غاية الوضوح، ويعبر عن معنى ما ويمكن فهمه والتكيف معه في التو واللحظة.