محتويات

٢ مزايا البيداغوجية المقلوبة أو المعكوسة:

على الرغم من اختلاف الأحكام حول هذه البيداغوجية الجديدة، إلا أن العديد من الممارسين لها يجمعون على توافرها على مجموعة من المزايا التي لا يمكن إنكارها:/

  • تكسب المتعلمين كفايات مفيدة لمتابعة تعليمهم وتكوينهم مدى الحياة؛
  • يغدون بفضل التمرس عليها، قادرين على العمل في فريق؛
  • يتمكنون من القدرة على شرح وتفسير ما فهموه وتعلموه لغيرهم؛
  • يصبحون قادرين على التعلم الذاتي باستخدام موارد معرفية مختلفة كالكتب أو الانترنت أو أي شيء آخر؛
  • تعود التلميذ والمدرس على السواء على العمل الفردي؛
  • إنها طريقة تسمح بتشغيل التلاميذ أكثر من أي طريقة تعليمية أخرى؛
  • إنها تخفف عبء العمل على المعلم ولا تجعل منه العازف المنفرد في الفصل الدراسي. فهي تنقل مركز النشاط وفاعلية التعلم إلى التلميذ نفسه؛
  • تحرر المعلم من العمل الروتيني اليومي في إعداد الدروس، وتقلل من أوراق التصحيح لتجعله يبتكر أكثر ويبدع ويستقصي الموارد المعرفية التي يوجه إليها تلاميذه؛
  • إنها طريقة تجعل المعلم يهتم أكثر بالمتعلمين ويمارس البيداغوجية الفارقية التي تعترف باختلاف المتعلمين وتعدد أساليبهم في التعلم، وفق قدراتهم واستعداداتهم العقلية (أوزي، 1999).

إن النموذج التقليدي للتعليم ينبني على تقديم محاضرات أو إلقاء عروض يشرح المدرس خلالها موضوعا معينا، يليه تكليف التلاميذ بإنجاز الواجبات في البيت. فالذي يبحث عن المعلومات ليس هو المتعلم، وإنما هو المعلم. أما وأن المعلومات والمعارف غدت اليوم في متناول الجميع، بفضل تكنولوجيا الإعلام والاتصال. فإن من المنطقي أن يبحث عنها التلميذ الذي يحتاج إليها وليس المعلم. ومن هنا، فإن نموذج الفصل المقلوب أو المعكوس يركز على التلاميذ ويمكنهم في ” السيرورة التعليمية “. فهي طريقة وأسلوب يمارس البيداغوجية والتعلم الفعال، الذي يتصف بطابع التركيب والتجميع والتنظيم الذاتي. ولا يعتبر المتعلم جهازا مستقبلا ومجمعا للمعلومات، أو نظاما ذهنيا سلبيا، وإنما هو عنصر فعال يساهم مع شركائه ومع الأدوات الذهنية والموارد المعرفية التي يتوافر عليها في البناء الفعال للمهارات والكفايات الضرورية (أوزي، 2015).

في الفصل المقلوب، هناك مرحلتان متتاليتان:/

المرحلة الأولى، وخلالها يتعلم التلميذ درسه في البيت، وفق طرائق وأشكال مختلفة:/

ـ فقد يتم ذلك عبر الكتاب المدرسي أو بالاعتماد على وثائق مختلفة؛

ـ عرض أشرطة الفيديو أو غيرها؛

 

ـ استخدام مختلف الأدوات الرقمية؛

ـ القيام بقراءات مقترحة من قبل المدرس أو مجموعة من المدرسين.

المرحلة الثانية، خلالها يحاول التلميذ في الفصل أن يطبق المعارف المكتسبة في البيت بجهده، حيث يقوم بإنجاز تمارين يقترحها المدرس. وفي هذا الوضع التعليمي، فإن الانتباه لم يعد مركزا على المدرس، وإنما على التلاميذ الذين يتفاعلون فيما بينهم، ويساعد بعضهم بعضا. ومن شأن ذلك، أن يجعل المدرس يركز اهتمامه على التلاميذ الذين يعانون بعض الصعوبات.

ومن هنا، فإن دور المدرس سيكون هو مرافقة المتعلم خلال القيام بأعمال معقدة. والوقت المخصص للفصل يمكن أن يستخدم في أنشطة أخرى تنبني على التعلم عن طريق البيداغوجية الفارقية أوالتعلم بطريقة المشروع أو غيرها من الطرائق البيداغوجية التي أبانت عن جدواها. كما يتأتى للمدرس أن ينظم أنشطة مشاريع جماعية تساعد التلاميذ على التواصل فيما بينهم. كما ينمي لديهم الثقة في الذات عبر فرص التعبير عن آرائهم. وتشجيع التفكير الابتكاري عن طريق العصف الذهني الذي تتيحه عرض الآراء ووجهات النظر حول مشكلة تعليمية معينة.

 

وهكذا، وبمساعدة المدرس سيستطيع التلميذ أن يكون صورة أكثر وضوحا عن المعلومات التي شرع يكتسبها بنفسه.

يرى إيريك مازور (Eric Mazur)، أستاذ الفيزياء بجامعة هارفارد، أنه على عكس الفصل التقليدي، فإن المدرسين، في هذا النموذج التعليمي الجديد، سوف لا يبذلون جهدا ويستنفذون طاقة كبيرة في المرحلة الأولى. فالتلاميذ بوسعهم الاعتماد على أنفسهم للقيام بذلك. إن الوصول إلى المعلومات في القرن الحادي والعشرين، غدا أمرا سهلا، بفضل ما تتيحه الإنترنت أو أقراص خاصة من إمكانيات.

هذا، وسيجعل الفصل الدراسي المعكوس الأنشطة الدراسية أكثر ترفيها. وسوف يتاح للمدرس وقت أكثر للقيام بمختلف الأعمال في الفصل، لتوجيه التلاميذ ومساعدتهم خلال فترة استيعابهم للمعلومات وابتكار أفكار جديدة.

إن هذه الطريقة تسمح للتلاميذ في الفصل الدراسي، إنجاز أعمال تعاونية لحل المشكلات التي يواجهونها. يقول إريك مازور في كتابه (تعليم الأقران، 1997) (Peer Instruction):/ ” ليس هناك طريقة تساعد على توضيح الأفكار غير اللجوء إلى شرحها للآخرين”. كما يقول:/ ” أراهن في الفصل على التفاعل، أطرح الأسئلة، وعلى التلاميذ مناقشتها مع زملائهم الموجودين بجانبهم ومحاولة إقناعهم..
”.