محتويات

٢ بيداغوجية الفصل المقلوب أو المعكوس:

الفصل المقلوب أو المعكوس أو البيداغوجية المعكوسة La classe inversée ou renversée »   ويدعى في اللغة الانجليزية (flipped classroom)، عبارة عن مقاربة بيداغوجية تقوم بقلب طبيعة أنشطة التعلم التي تتم في الفصل الدراسي أو البيت، مما يقود إلى تغيير الأدوار التقليدية للتعلم. وما يبرر التوجه نحو هذه البيداغوجية الجديدة، هو التعلم غير النظامي الذي أصبح أكثر فأكثر جزءا من تجربة كل شخص في حياته، خلال القرن الحادي والعشرين، الذي يشهد تغيرات سريعة تتطلب من الفرد التعلم الذاتي، الدائم والمستمر. هذا فضلا عن أن التكنولوجيا الحديثة ما فتئت تغير من أسلوب حياتنا وطبيعة تفكيرنا، مما يفرض عدم الاقتصار على التعلم الرسمي الذي يلقن في المدارس والذي أصبح يعاني، في العديد من الأحوال، القصور وعدم الملاءمة لمتطلبات الحياة الاجتماعية والثقافية الجديدة التي يعرفها هذا القرن.

ومن هنا، اكتسب مفهوم ” الفصل المعكوس” انتشارا واسعا بين المدرسين في العديد من دول العالم، مما جعلهم يحدثون تغييرا في ” تنظيم فصولهم الدراسية “، والانتقال إلى نموذج تعليمي عملي فعال، وأكثر إنسانية واهتماما بالمتعلم. فما هو الفصل المقلوب أو المعكوس أو البيداغوجية المقلوبة؟ وما هو منطلقه الأساس ؟ وما هي المزايا التي يحققها للمعلم والمتعلم ؟

ينطلق هذا النموذج التعليمي من فكرة بسيطة، وهي أن الوقت الثمين المخصص للفصل الدراسي، من الأفضل استخدامه للتفاعل والعمل الجماعي، عوض ترك شخص واحد يتحدث خلاله. إنها مقاربة بيداغوجية مفادها أن ” التلميذ هو الذي يتعلم” ومن ثمة، ينبغي خلق الشروط المشجعة له على التعلم المستدام.

وبعبارة أخرى، فإن الفصل الدراسي المقلوب، يجعل التلاميذ يراجعون دروسهم في بيوتهم حتى تكون الأنشطة التعليمية ـ التعلمية في فصول المدرسة واضحة وملموسة بالنسبة إليهم. وخلال وجودهم في الفصل ” للتعلم” لن يقوموا سوى بإنجاز تمارين تطبيقية والاكتشافات المتعلقة بالموضوع، أي العمل على تعميق الفهم. ولم يعد المدرس هو الذي يحضر المعلومات، ولكنه يقوم بمساعدة التلميذ على استيعاب المفاهيم الأساسية. وسيتاح للمدرس وقت أكبر، لمتابعة حالات كل تلميذ. فالمدرس إذن يقوم بدور المرافق والمرشد خلال تعلمات التلاميذ.

الواقع أنه من السابق لأوانه إصدار حكم عام، بشأن الفائدة التي يمكن الوصول إليها خلال تطبيق هذه المقاربة. فالحكم عليها يختلف باختلاف فئة الطلاب، من الناحية الاجتماعية، وباختلاف مستوياتهم الدراسية، ونوع مدارسهم ومدرسيهم. وترى بعض الأبحاث أن من بين المزايا الأساسية لهذه المقاربة أن البيداغوجية الفعالة التي تعطي الفاعلية للمتعلم في بناء معارفه ترافقها في عمقها.